ودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحلُ، | وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرّجلُ؟
|
غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها، | تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ
|
كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا | مرّ السّحابة ِ، لا ريثٌ ولا عجلُ
|
تَسمَعُ للحَليِ وَسْوَاساً إذا انصَرَفَتْ | كمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ
|
ليستْ كمنْ يكره الجيرانُ طلعتها، | ولا تراها لسرّ الجارِ تختتلُ
|
يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا، | إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ
|
إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعة ً فَتَرَتْ، | وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ
|
مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَة ٌ | إذا تَأتّى يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ
|
صدّتْ هريرة ُ عنّا ما تكلّمنا، | جهلاً بأمّ خليدٍ حبلَ من تصلُ؟
|
أأنْ رأتْ رجلاً أعشى أضر بهِ | لِلّذّة ِ المَرْءِ لا جَافٍ وَلا تَفِلُ
|
هركولة ٌ، فنقٌ، درمٌ مرافقها، | كأنّ أخمصنها بالشّوكِ منتعلُ
|
إذا تَقُومُ يَضُوعُ المِسْكُ أصْوِرَة ً، | والزنبقُ الوردُ من أردانها شمل
|
ما رَوْضَة ٌ مِنْ رِياضِ الحَزْنِ مُعشبة ٌ | خَضرَاءُ جادَ عَلَيها مُسْبِلٌ هَطِلُ
|
يضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شرقٌ | مُؤزَّرٌ بِعَمِيمِ النّبْتِ مُكْتَهِلُ
|
يَوْماً بِأطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَة ٍ، | ولا بأحسنَ منها إذْ دنا الأصلُ
|
علّقتها عرضاً، وعلقتْ رجلاً | غَيرِي، وَعُلّقَ أُخرَى غيرَها الرّجلُ
|
وَعُلّقَتْهُ فَتَاة ٌ مَا يُحَاوِلُهَا، | مِنْ أهلِها مَيّتٌ يَهذي بها وَهلُ
|
وَعُلّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني، | فاجتَمَعَ الحُبّ حُبّاً كُلّهُ تَبِلُ
|
فَكُلّنَا مُغْرَمٌ يَهْذِي بصَاحِبِهِ، | نَاءٍ وَدَانٍ، وَمَحْبُولٌ وَمُحْتَبِلُ
|
قالتْ هريرة ُ لمّا جئتُ زائرها: | وَيْلي عَلَيكَ، وَوَيلي منكَ يا رَجُلُ
|
يا مَنْ يَرَى عارِضا قَد بِتُّ أرْقُبُهُ، | كأنّمَا البَرْقُ في حَافَاتِهِ الشُّعَلُ
|
لهُ ردافٌ، وجوزٌ مفأمٌ عملٌ، | منطَّقٌ بسجالِ الماءِ متّصل
|
لمْ يلهني اللّهوُعنهُ حينَ أرقبهُ، | وَلا اللّذاذَة ُ مِنْ كأسٍ وَلا الكَسَلُ
|
فقلتُ للشَّربِ في درني وقد ثملوا: | شِيموا، وكيفَ يَشيمُ الشّارِبُ الثّملُ
|
بَرْقاً يُضِيءُ عَلى أجزَاعِ مَسْقطِهِ، | وَبِالخَبِيّة ِ مِنْهُ عَارِضٌ هَطِلُ
|
قالُوا نِمَارٌ، فبَطنُ الخالِ جَادَهُما، | فالعَسْجَدِيّة ُ فالأبْلاءُ فَالرِّجَلُ
|
فَالسّفْحُ يَجرِي فخِنزِيرٌ فَبُرْقَتُهُ، | حتى تدافعَ منهُ الرّبوُ، فالجبلُ
|
حتى تحمّلَ منهُ الماءَ تكلفة ً، | رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينة ِ السّهِلُ
|
يَسقي دِياراً لَها قَدْ أصْبَحَتْ عُزَباً، | زوراً تجانفَ عنها القودُ والرَّسلُ
|
وبلدة ٍ مثلِ ظهرِ التُّرسِ موحشة ٍ، | للجِنّ بِاللّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلُ
|
لا يَتَمَنّى لهَا بِالقَيْظِ يَرْكَبُهَا، | إلاّ الذينَ لهمْ فيما أتوا مهلُ
|
جاوزتها بطليحٍ جسرة ٍ سرحٍ، | في مِرْفَقَيها إذا استَعرَضْتَها فَتَل
|
إمّا تَرَيْنَا حُفَاة ً لا نِعَالَ لَنَا، | إنّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ
|
فقدْ أخالسُ ربَّ البيتِ غفلتهُ، | وقدْ يحاذرُ مني ثمّ ما يئلُ
|
وَقَدْ أقُودُ الصّبَى يَوْماً فيَتْبَعُني، | وقدْ يصاحبني ذوالشَّرة ِ الغزلُ
|
وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يَتْبَعُني | شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلشُلٌ شَوِلُ
|
في فِتيَة ٍ كَسُيُوفِ الهِندِ قد عَلِمُوا | أنْ لَيسَ يَدفعُ عن ذي الحيلة ِ الحِيَلُ
|
نازعتهمْ قضبَ الرّيحانِ متكئاً، | وقهوة ً مزّة ً راووقها خضلُُ
|
لا يستفيقونَ منها، وهيَ راهنة ٌ، | إلاّ بِهَاتِ! وَإنْ عَلّوا وَإنْ نَهِلُوا
|
يسعى بها ذو زجاجاتٍ لهُ نطفٌ، | مُقَلِّصٌ أسفَلَ السّرْبالِ مُعتَمِلُ
|
وَمُستَجيبٍ تَخالُ الصَنجَ يَسمَعُهُ | إِذا تُرَجِّعُ فيهِ القَينَةُ الفُضُلُ
|
منْ كلّ ذلكَ يومٌ قدْ لهوتُ به، | وَفي التّجارِبِ طُولُ اللّهوِ وَالغَزَلُ
|
والسّاحباتُ ذيولَ الخزّ آونة ً، | والرّافلاتُ على أعجازها العجلُ
|
أبْلِغْ يَزِيدَ بَني شَيْبانَ مَألُكَة ً، | أبَا ثُبَيْتٍ! أمَا تَنفَكُّ تأتَكِلُ؟
|
ألَسْتَ مُنْتَهِياً عَنْ نَحْتِ أثلَتِنَا، | وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَا أطّتِ الإبِلُ
|
تُغْرِي بِنَا رَهْطَ مَسعُودٍ وَإخْوَتِهِ | عِندَ اللّقاءِ، فتُرْدي ثمّ تَعتَزِلُ
|
لأعرفنّكَ إنْ جدّ النّفيرُ بنا، | وَشُبّتِ الحَرْبُ بالطُّوَّافِ وَاحتَمَلوا
|
كناطحٍ صخرة يوماً ليفلقها، | فلمْ يضرها وأوهى قرنهُ الوعلُ
|
لأعرفنّكَ إنْ جدّتْ عداوتنا، | والتمسَ النّصر منكم عوضُ تحتملُ
|
تلزمُ أرماحَ ذي الجدّينِ سورتنا | عنْدَ اللّقاءِ، فتُرْدِيِهِمْ وَتَعْتَزِلُ
|
لا تقعدنّ، وقدْ أكلتها حطباً، | تعوذُ منْ شرّها يوماً وتبتهلُ
|
قد كانَ في أهلِ كَهفٍ إنْ هُمُ قعدوا، | وَالجاشِرِيّة ِ مَنْ يَسْعَى وَيَنتَضِلُ
|
سائلْ بني أسدٍ عنّا، فقد علموا | أنْ سَوْفَ يأتيكَ من أنبائِنا شَكَلُ
|
وَاسْألْ قُشَيراً وَعَبْدَ الله كُلَّهُمُ، | وَاسْألْ رَبيعَة َ عَنّا كَيْفَ نَفْتَعِلُ
|
إنّا نُقَاتِلُهُمْ ثُمّتَ نَقْتُلُهُمْ | عِندَ اللقاءِ، وَهمْ جارُوا وَهم جهلوا
|
كلاّ زعمتمْ بأنا لا نقاتلكمْ، | إنّا لأمْثَالِكُمْ، يا قوْمَنا، قُتُلُ
|
حتى يَظَلّ عَمِيدُ القَوْمِ مُتّكِئاً، | يَدْفَعُ بالرّاحِ عَنْهُ نِسوَة ٌ عُجُلُ
|
أصَابَهُ هِنْدُوَانيٌّ، فَأقْصَدَهُ، | أو ذابلٌ منْ رماحِ الخطّ معتدلُ
|
قَدْ نَطْعنُ العَيرَ في مَكنونِ فائِلِهِ، | وقدْ يشيطُ على أرماحنا البطلُ
|
هَلْ تَنْتَهون؟ وَلا يَنهَى ذوِي شَططٍ | كالطّعنِ يذهبُ فيهِ الزّيتُ والفتلُ
|
إني لَعَمْرُ الذي خَطّتْ مَنَاسِمُها | لهُ وسيقَ إليهِ الباقرِ الغيلُ
|
لئنْ قتلتمْ عميداً لمْ يكنْ صدداً، | لنقتلنْ مثلهُ منكمْ فنمتثلُ
|
لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ غِبّ مَعرَكَة ٍ | لمْ تُلْفِنَا مِنْ دِمَاءِ القَوْمِ نَنْتَفِلُ
|
نحنُ الفوارسُ يومَ الحنو ضاحية ً | جنبيْ "فطينة َ" لا ميلٌ ولا عزلُ
|
قالوا الرُّكوبَ! فَقُلنا تلْكَ عادَتُنا، | أوْ تنزلونَ، فإنّا معشرٌ نزلُ |